الإعلامي السوري وسام الطير صاحب منصة دمشق الآن ، يروي بالتفصيل الممل ما حصل معه في عام ٢٠١٩ .
كلنا نعرف صفحة دمشق الآن الإخبارية التي كانت من أكبر وأقوى الصفحات الإخبارية على الفيسبوك في سنوات الأزمة، حيث كانت تحتوي على ملايين المتابعين، ولديها متابعات قوية جداً من سورية وخارجها، كونها كانت تنشر بشكل فوري ومستمر كافة الأخبار العاجلة ، وخاصة في فترة الأزمة السورية، حيث كانت تتساقط قذائـ""ـف الهـ""ــاون على العاصمة دمشق.
وفجأة، دون سابق انذار في العام ٢٠١٩ ، اختفى وسام الطير عن الوجود، وتوقفت منشورات صفحته ، لتنقل بعدها مصادر مقربة منه، أنه موقوف في أحد الأفرع الأمنية.
قامت عشرات الصفحات الصديقة وعدد كبير من الاعلاميين والفنانين بمطالبات الافراج عنه، وتحول الموضوع الى قضية رأي عام ، ووصل الخبر الى قنوات تلفزيونية طالبت بمعرفة مصيره والافراج عنه ، الأمر الذي أجبر الدولة السورية بإطلاق حريته، بعد مطالبات شعبية ودولية.
والآن نترككم مع القصة كاملة التي نشرها الإعلامي وسام الطير عبر صفحته على الفيسبوك، ننقلها لكم نسخ لصق دون اجتزاء او اضافة شيء اليها:
#الرواية_الكاملة ، هكذا تم سجني وحكمي ٥٩ عاماً
بدأت حكايتي بعدما أصبحت شبكة دمشق الآن مؤثرة بشكل كبير في الشارع السوري وتتفوق على أي وسيلة إعلام أخرى في سورية حيث كنت أعمل لبناء مؤسسة إعلامية صادقة محايدة تنقل الأخبار والمعلومات بكل شفافية وبالفعل بدأت بخطة عمل للحديث عن الفساد في سورية والحديث عن الواقع الخدمي للمواطن بشفافية .
تلقيت قبل توقيفي بشهر واحد اتصالاً من مديرة المكتب الإعلامي #بالقصر_الجمهوري_لونا_الشبل حيث راجعتها وقالت بأن القيادة غير راضية عن آلية عمل دمشق الآن وبأنه من غير المسموح الحديث عن الفساد والواقع الخدمي السيئ وأن تغير دمشق الآن من مصطلحاتها ومفرداتها فيما يخص العمليات العسكرية حيث كانت تريد أن نكتب مجموعات إرهابية بدلاً من وضع أسماء الفصائل بين هلالين ، وكان ردي بأن دمشق الآن هي وسيلة إعلام خاصة تعمل وفق رؤية مختلفة وكان جوابي بأني سأدرس الموضوع لكن لم يكن لدي نية في الاستجابة .
بعد ذلك استمريت وفق النهج الذي كنت أؤمن به ولم استجب لطلباتها إلى حين نشرت على صفحتي الشخصية منشوراً لوضع استبيانات خاصة لعمل وزارات الدولة وكنت أنوي الحديث بشفافية مطلقة وكسر حاجز النقد الذي لم يكن أحد يجرؤ به فيما يخص الدولة ومؤسساتها .
تلقيت اتصالاً من وزير الإعلام السابق عماد سارة صباح اليوم التالي طالباً مني القدوم إلى مكتبه وبالفعل توجهت إليه وطلب مني مباشرةً تغيير نهج دمشق الآن وحذف منشور الاستطلاع وعدم إعادته وكان جوابي بأن الخطة في هذا الخصوص مستمرة ولن أتوقف وقام هو بدوره بالإتصال بالقصر الجمهوري مخبراً إياهم بأني لم استجب للطلب .
وصلت بعدها إلى مكتبي في الشعلان حيث تلقيت اتصالاً من رئيس قسم الأربعين حيث أرسل سيارة لاصطحابي ودخلت مكتبه وقدم إليّ #الشاي_بالنعناع حيث دخل بعدها ضابطين إلى المكتب وقال لي أحدهم هناك أمر بتوقيفك وتم اصطحابي في سيارات مفيمة إلى مكتبي حيث تم مصادرة كافة محتوى مكتبي من أجهزة وغيرها وتم اعتقال صحفي كان بالمكتب اسمه سونيل وتم أخذنا إلى فرع أمن الدولة .
في فرع أمن الدولة تم استجوابي بطريقة راقية بعيدة عن الإساءة وتم الاستحواذ على دمشق الآن وبقيت في السجن أربعة أيام ليتم أخذي إلى ضابط حيث قال لي "سيتم أخذك إلى مكان مهم ويجب عليك أن تستجيب لأي أمر يطلب منك" وبالفعل مجدداً تم أخذي إلى القصر إلى مكتب لونا الشبل ليدور الحديث التالي الذي لن أنساه في حياتي .
- عاجبك هيك يعني مبسوط بهالنتيجة
أنا : الحمد لله
- هلق رح ناخد منك حسابات الإدارة لدمشق الآن كلها ومن اليوم وطالع لقاءات مع مسؤولين ممنوع ، استخدام مصطلحات مرفوضة ممنوع ، حكي عن الفساد ممنوع ، لقاءات وتصوير بالشوارع ممنوع .
أنا : معناها أنا ماعاد بدي اشتغل
- انتبه ، إذا بدك تترك بتترك بالطريقة يلي أنا بشوفها مناسبة
أنا : حطي الخطة وأنا موافق عليها لأترك المجال الإعلامي
- خود اكتب البوست يلي رح تنشرو بس تطلع من هون
بالفعل كتبت منشوراً وبعدها وضعت أمامي أربعة أوراق بيضاء طلبت مني أن اكتب أنا الموقع أدناه باسمي الثلاثي أقر وأعترف بأني وأترك فراغاً لتملئه كما تشاء وأن أوقع أسفل الصفحات لكني رفضت بشكل حاد بأن أوقع على ورقة بيضاء ليكون جوابها لي بأني إذا لم أوقع سأندم ، وبالفعل لم أوقع حيث اتصلت بالفرع ٢١٥ ليقوموا مجدداً باعتقالي من مكتبها .
تم أخذي إلى الفرع ٢١٥ وهناك بدأت رحلة الظلم والقسوة التي مهما تحدثت عنها لن أستطيع وصف وحشيتها حيث صدرت توجيهات من القصر الجمهوري - لونا الشبل باستجوابي بقسوة ووضعي في منفردة وتوجيه تهم لي تخص وهن نفسية الأمة والإضرار بنهج الدولة والإساءة لرئيس مجلس الوزراء وممارسة العمل الإعلامي بدون موافقات وغيرها الكثير من التهم التي كان يظهر بها الحقد والكراهية من قبلها تجاه وسام الطير .
خلال الأيام الأولى تم معاملتي بعنف وقسوة وتم وضعي بمنفردة لاتحتوي إضاءة ولا حتى غطاء في لحظة كان الطقس بها بارد جداً وتم بعد ذلك الطلب مني بأن أخبرهم على مكان هويتي العسكرية التي كنت قد أضعتها وذلك خوفاً من أن استرد دمشق الآن من شركة فيسبوك بعد أن أخرج من السجن ، ولأني بالفعل قد أضعتها قامو بمعاملتي بأقسى أنواع العذاب مثل الكهرباء والشبح وغيرها واستمر هذا النهج بهدف إجباري على الاعتراف بأنني كنت أتواصل مع مؤسسات إعلامية وأفراد خارجية وكان يقود عملية تعذيبي المساعد زهير صبوح الذي لم يتوقف عن السباب والشتائم .
بعد عشرة أيام من القسوة التي تعرضت لها تم وضعي في منفردة أخرى تحتوي على بطانيتين فقط رافقتني في رحلة سجني الطويلة حيث لم يقم أي أحد بالحديث معي مطلقاً حيث بقيت حبيس الجدران ليل نهار وحيداً في الزنزانة رقم ٨ في الفرع ٢١٥ لتسعة أشهر متتالية .
بعد بقائي على هذه الحالة لأربعة أشهر قررت أن أنتفض وأنا داخل السجن فقررت الإضراب عن الطعام والشراب وبقيت ثمانية أيام في الإضراب الأول وكان لدي ثلاثة طلبات ليختارو واحداً منها وهي :
الأول : إن كان لديهم تهم أن يحاكموني أمام الجميع
الثاني : إن لم يكن لديهم تهم أن يخرجوني من السجن
الثالث : تركي أموت جوعاً وعطشاً إن لم يختارو أحد الأمرين
إثر هذا الإضراب تم الطلب مني إيقاف إضرابي مقابل إعطاءهم مهلة لعشرة أيام لإخراجي وبالفعل استجبت وانقضت مهلة العشر أيام وبقيت صامتاً بعدها لعشرين يوم إضافي وعلمت بأنهم يكذبون علي فقررت أن أضرب عن الطعام والشراب مجدداً وبقيت بلا طعام أو شراب لستة عشر يوماً شعرت بها بأني سأموت في منفردتي في قلب #دمشق_التي_أحب .
بعد ستة عشر يوماً من الإضراب والجوع والعطش والتعب أخذوني لمكتب رئيس الفرع حيث كنت لأول مرة التقي احداً من عائلتي حيث تم إبلاغي من قبل أخي بأنه حصل اتفاق ينص على عرضي إلى محكمة عسكرية يتم من خلالها محاكمتي شكلياً والاكتفاء بمدة التوقيف وجاء هذا القرار من قبلهم لإصباغ صبغة شرعية على اعتقالي الظالم .
بعد ذلك استمرّ اعتقالي وتم أخذي إلى المحكمة العسكرية وتم الطلب مني بالقبول بكل التهم الموجهة إلي وعدم نكرانها واستمرت المحاكمة السرية بدون محامي لحوالي شهرين حيث صدر قرار بسجني ٥٩ عاماً قراراً وجاهياً قابلاً للنقض وهذا الحكم كان من القصر الجمهوري -لونا الشبل وليس قرار القاضي .
إثر هذا القرار قررت أن أنهي حياتي فكان القرار الأخير بالإضراب النهائي عن الطعام والشراب حتى الموت لأنه ما من وسيلة للموت غير ذلك وبعد فترة من الزمن جاء إلي ضابط وقال لي بأنه صدر عفو خاص عني وهذا العفو جاء نتيجة ضغط من عائلتي ومحبين ومنظمات دولية كانت لديها تفاصيل اعتقالي الظالم .
بعد خروجي مباشرة تم أخذي إلى أحد الضباط لا أعلم اسمه حيث طلب أن أنشر شكراً للرئيس لأنه أخرجني من السجن وأن ابتعد بشكل نهائي عن العمل الإعلامي وعدم ذكر تفاصيل ما حدث معي تحت طائلة السجن مجدداً .
بالفعل بقيت مهتماً بحياتي الشخصية منذ العام ٢٠١٨ حتى العام ٢٠٢٤ عندما بدأت مؤسسات النظام السابق بالإنهزام حيث تم الطلب مني إعادة تفعيل عملي السابق لكنيي رفضت في البداية بأنه لا شأن لي فتم تهديدي مجدداً ولم يكن لدي قرار بالقبول والرفض حتى لحظة هروب بشار الأسد إلى روسيا حيث أمكنني الحديث بجزء مختصر مما عانيت لأنني قلت كلمة " لن أوقع على ورق أبيض" في القصر الجمهوري ولست بنادم على رفضي حتى الآن .
صور مرفقة من جلسات محاكمتي استطعت الحصول عليها مؤخراً ولهذا تأخرت بنشر هذا المنشور ليكون معززاً بالوثائق التي تشهد على ظلم كان لي حصة به ككثيرين من شباب سورية في عهد الرعب والخوف .
#وسام_الطير
حقوق النشر محفوظة : الإعلامي وسام الطير
أخبار العاصمة دمشق
DAMASCUSMS.COM
تعليقات
إرسال تعليق