الفنان نهاد قلعي من مؤسسي المسرح القومي السوري، أحب الفن منذ صغره، فقدم له الكثير، واعتبر النقاد السوريين أن الحركة الفنية في سوريا يُمكن تأريخها باسمه، أي ما قبل الفنان نهاد قلعي وما بعده.
شهد قلعي بداية التلفزيون السوري، وقدم له الكثير من الأعمال التي خرجت من عباءة المحلية وانتشرت في ربوع الوطن العربي، فكانت مسلسلات “حمام الهنا” و”مقالب غوار” ومن ثم المسلسل الأشهر “صح النوم”، سببًا في انتشار الأعمال السورية عربيًا.
عرفه الجمهور بشخصية حسني البورظان، وهي شخصية كوميدية شكلت مع غوار الطوشة/ دريد لحام ثنائية فنية شهرية، وكما كانت هذه الشخصية سبب شهرته، كانت أيضًا سبب نهايته فنيًا ومن ثم وفـ.ـاته من تبعات حادثة اعـ.ـتداء عليه.
في هذا التقرير نستعرض أبرز 10 معلومات عن حياة الفنان السوري الراحل نهاد قلعي:
1- ولد نهاد قلعي الخربوطلي المعروف باسم (نهاد قلعي)، في حي ساروجة بالعاصمة السورية دمشق في عام 1928، والده محمد رفقي قلعي، ووالدته بدرية العطري.
2- درس نهاد قلعي الابتدائية في مدرسة البخاري، وظهرت موهبته الفنية منذ أن كان في عمر الثامنة، فحصل على أول دور مسرحي من أستاذه إبراهيم السعداوي الذي كان معدًا ومدربًا للمسرحيات المدرسية.
3- كانت هذه المسرحية بعنوان (قصيدة عن الأم)، يومها تنبأ له الأستاذ إبراهيم السعداوي بأنه سيكون ممثلاً في يومٍ من الأيام، وصدقت النبوءة.
4- عندما أنهى قلعي دراسته الثانوية في عام 1946، سافر إلى مصر حيث التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة، لكنه لم يتابع الدراسة فيه بسبب تعـ.ـرضه للسـ.ـرقة ومعاناته من بعض المشاكل هناك، فعاد إلى دمشق حيث بدأت مسيرته الفنية.
5- عمل قلعي في مهن مختلفة: مراقبًا في مصنع للمكرونة، كاتبًا على الآلة الكاتبة في جامعة دمشق، موظفًا في وزارة الدفاع، ثم ”مخلّص معاملات” في مصلحة الجمارك.
6- شارك قلعي إلى جانب وظائفه في مسارح الهواة، وكان لا يزال موظفًا حين أسس سنة 1953 مع مجموعة من الشباب من هواة المسرح، هم: سامي جانو، عادل خياطة وخلدون المالح، “الفرقة الشرقية للتمثيل والموسيقى” التي سيصبح اسمها “النادي الشرقي”.
7- قدم النادي الشرقي عدة أعمال مسرحية لمؤلفين عرب وعالميين، واشتهر من فنانيها: محمود جبر بالتمثيل الكوميدي وخلدون المالح (المخرج التلفزيوني لاحقًا) وسعيد النابلسي (مهندس الديكور).
8- في عام 1959 أخرج نهاد قلعي للفرقة مسرحية “ثمن الحرية” للمؤلف الفرنسي إيمانويل روبلس، وقد عرضت هذه المسرحية في القاهرة زمن الوحدة بين مصر وسوريا.
9- تلقى نهاد قلعي الكثير من الإشادات على مسرحية “ثمن الحرية”، فتم ترشيحه لتأسيس فرقة المسرح القومي في دمشق عام 1960، فكان قلعي من المؤسسين الأوائل للمسرح القومي بسوريا، وعلى مدار 5 سنوات؛ أخرج قلعي 5 مسرحيات، منها: المزيفون، ثمن الحرية، البرجوازي النبيل، مدرسة الفضائح.
10- في عام افتتاح “المسرح القومي” تأسس التلفزيون السوري، وكان المدير العام صباح قباني (الدبلوماسي وأخو الشاعر نزار قباني) قدر اقترح تقديم سهرة كوميدية استعراضية، وحدث أن الذين شاركوا فيها صاروا نجومًا ساطعة في الكوميديا: دريد لحام، ونهاد قلعي، ومحمود جبر، والمخرج خلدون المالح.
ثنائية نهاد قلعي ودريد لحام الفنية
شكّل دريد لحام ونهاد قلعي الثنائي الكوميدي الشهير: غوار الطوشة وحسني البورظان. كما قدما معًا مسرحية كوميدية استعراضية، هي “عقد اللولو” أخرجها نهاد قلعي.
المسرحية تم اقتباسها في فيلم سينمائي بالعنوان نفسه، أخرجه يوسف معلوف، وانضمت صباح وفهد بلان إلى الثنائي في أدوار البطولة، وكان باكورة عمل الثنائي في مجال السينما.
أول مسلسل للثنائي كان “مقالب غوار” الذي أنتجه التلفزيون السوري عام 1963 وأخرجه خلدون المالح، وهناك نسخة أخرى من المسلسل صُورت في استديوهات بيروت عام 1967، أخرجها أنطوان ريمي، ويظهر في الأدوار الثانوية ممثلين لبنانيين بدلًا عن السوريين في النسخة الأولى.
شجّع الإقبال الجماهيري الكبير على أعمال الثنائي، المنتج نادر الأتاسي ورفيقه تحسين القوادري على مواصلة إنتاج أفلام من بطولة الثنائي دريد ونهاد. ثم تهافت المنتجون في سورية ولبنان على التعاقد معهما.
بلغ عدد الأفلام التي اشتركا فيها معا 24 فيلمًا، كان نهاد قلعي كاتب السيناريو أو مشاركا بالكتابة في معظم هذه الأفلام، وأطل الثنائي على جمهور التلفزيون العريض بشخصيتي غوار الطوشة وحسني البورظان في أربعة مسلسلات، هم: مقالب غوار، حمام الهنا، صح النوم، ملح وسكر.
يذكر أن الفنان نـهاد قلعي ختم مهمته ككاتب للتلفزيون سنة 1984 بمسلسل “عريس الهنا” الذي قام ببطولته من دون اشتراك دريد لحام.
حسني البورظان كان الشهرة ثم النقمة التي أنهت حياة نهاد قلعي
اشتهر نهـاد قلعي باسم الشخصية التي ابتكرها، فكان في نظر الناس حسني البورظان، الأمر الذي كان يضايقه أحيانًا.
في أواخر السبعينات نشب خـ.ـلاف بين قلعي وأحد الأشخاص أثناء تواجدهما في أحد المطاعم، فضـ.ـرب الشاب قلعي بالكرسي على رأسه مما تسبب بشـ.ـلله.
عن الحادثة يقول الناقد السينمائي الراحل “بشار إبراهيم” في كتابه نهاد ودريد: “كان نـهاد قلعي ودريد لحام وشاكر بريخان يسهرون في مطعم النادي العائلي في حي “بابا توما” بدمشق، ويستقبلون صحفيا لبنانيًا هو جورج إبراهيم الخوري”.
يتابع : “وقبل نهاية السهرة غادر دريد لحام، وبقي ثلاثتهم ساهرين، وعندما نفدت سجائر الضيف، طلب من النادل سجائر، لكن النادل لم يلب طلب الضيف، ما أثار غضب نهاد قلعي، الذي أنب النادل، وإذ برجل يجلس مع شلة من رفاقه على طاولة مجاورة إلى خلفهم، ينادي بصوت غليظ عال: بورظان بدك سجائر؟ تعال خد من عندي. فقال له نهاد: أنا ما بدي من حدا سجاير، بعدين أنا ما لي اسم معروف تناديني به يا حمار”.
ويضيف الناقد بشار إبراهيم: “لم يكن أحد يتوقع أن تكون هذه الجملة مد مرة ليس للسهرة بل لحياة نهاد قلعي كلها، إذ أنه سيفاجأ بضـ.ـربة كرسي تنهال على رأسه، تتبعها ضـ.ـربات أشد قسوة أدت به إلى المستشفى، حيث تمت معالجته بشكل سريع، وخياطة الجرح الذي ألمّ برأسه دون عناية كافية”.
تفاعلات هذا الحادث وانتكاساته الطبية كما يقول الناقد بشار ابراهيم، لاحقت نهاد 15 سنة وجعلته حبيس بيته والمرض من جرّائه، فقد باع قلعي كل شيء يملكه ليعالج نفسه من مرض الشـ.ـلل، لكن صحته تد هورت في العام 1993 ونقل إلى مستشفى الهلال الأحمر، ورغم كل الجهود التي بذلت، فإن إصـ.ـابته المزمنة ومعاناته القديمة من مرض السكر لم تمهلاه، إذ تعـ.ـرض لأزمة قلبية فلفظ أنفاسه الأخيرة في أكتوبر عام 1993.
اقرأ ايضاً :
منحة الحكومة الروسية 2021 الممولة بالكامل + راتب شهري
تحديث تطبيق "وين" الخاص بمشروع البطاقة الذكية "حدث الآن لتصلك الرسائل"
تعليقات
إرسال تعليق