نفت مصادر رسمية صحّة ما يُشاع عن تسبب الصادرات بارتفاع أسعار الخضار في الأسواق السورية، لافتة إلى أن عجلة التصدير تتحرك ببطء شديد خلال الأشهر الأخيرة، والكميات التي تخرج تصديراً إلى الأسواق الخارجية ليس من شأنها أن تتسبب بنقص في المعروض من الخضار في مواسمها، لأن سورية بلد متقدم على المستوى العربي بإنتاجه الزراعي من حيث الكمّ والكيف.
ويعزو هؤلاء أسباب ارتفاع أسعار الخضار في الفترة الأخيرة، إلى انعكاسات موجة الحر التي مرّت خلال الفترة السابقة على الإنتاج الزراعي، بشقيه النباتي والحيواني، على نحو أضرّ بأغلب الزراعات، وأدى إلى تلفها، في وقت زادت فيه من نفوق الدواجن وبعض المواشي أيضاًما انعكس على تدفق بعض هذه المنتجات إلى الأسواق، وبالتالي زيادة نسبية في أسعارها، جراء قلة المعروض الذي أسهم التصدير بجزء منه، وارتفاع تكاليف الري مع ما ترتب عليه من مشكلات نقص الوقود والكهرباء..
ووفقاً لنتائج رصد إعلامي، أفادت أوساط سوق الهال في دمشق بارتفاع أسعار الخضار، خلال الأسبوعين الفائتين، بنسب تتراوح بين 20-40%، فقد ارتفع سعر الخيار من 200 إلى 250 ليرة سورية، كما ارتفعت البندورة من 200 إلى 300 ليرة، والكوسا من 150 إلى 300 ليرة أيضاً.
بينما شهدت أسعار البقدونس والكزبرة والنعناع والحشائش الأخرى ارتفاعات أعلى، لأنها الأقل مقاومة للحرارة والأكثر احتياجاً للسقاية، كما أنها لا تتحمل النقل إلى مسافات بعيدة وصولاً إلى أسواق التصريف.
يقول باعة في السوق إنه جرت العادة، وبحكم تجربتهم في المواسم السابقة وعلاقتهم بالمزارعين والموردين، أن تسهم موجات الحر في تقليص فترة الإنتاج- مثلاً- من ثمانية أو عشرة أسابيع إلى ستة أو سبعة، حيث تؤدي الحرارة إلى تساقط الزهر، ومن ثم فقدان الثمر، وهو أمر يسهل قياسه من خلال عدد السيارات التي تدخل إلى السوق يومياً، ويمكن القول إن هذه العدد تراجع، مؤخراً، بنسبة 10-15%.
وتجزم مصادر اتحاد غرف الزراعة المهندس بأن ارتفاع درجات الحرارة قاد إلى متاعب جديدة للزراعة، إذ زادت كميات المياه اللازمة للسقاية، التي لا بدّ منها لتعويض عطش المزروعات المتزايد، وهذا بدوره يحتاج ضخ كميات كبيرة من هذه المياه.
ما يعني استهلاكاً أكبر للمحروقات، وتكاليف إضافية تنعكس على الأسعار النهائية، مشيراً إلى مخاطر جديدة وغير محسوبة أضافتها حرائق الغابات في الغاب والمنطقة الساحلية، والتي ستظهر كل يوم خسائر جديدة لها.
لا تميل مصادر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، إلى وجود تأثير كبير لموجة الحر على الأسواق، إلا من زاوية تأثيرها على المعروض من المنتجات الزراعية، حيث إن هذه الموجة تخرج بعض المساحات من العملية الإنتاجية، جراء ذبول الخضار وتساقط الثمار.
وهذا بدوره يؤدي إلى سرعة انتهاء المواسم، وتقليل مدة وفاعلية الدورة الإنتاجية، مؤكداً أن المديرية بصدد مراقبة ورصد حركة الأسواق لمعرفة بينما إذا كانت هناك تأثيرات ملموسة على الأسواق والأسعار.
هذا ويحذر خبراء زراعيون من تأثيرات جانبية كبيرة للحرارة على إنتاجية القطاع الزراعي، وخاصة عند تناول هذه التأثيرات بالتزامن مع حرائق الغابات، فقد أعاقت في بعض الأحيان عمليات نقل المحاصيل.
وتصبح هذه المعاناة أكبر عندما يتعلق الأمر بتلك المنتجات التي تتطلب عمليات حفظ وتبريد، في ظل الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، فمثلاً أفسدت هذه الحرارة وانقطاع الطرق بسبب الحرائق في غير منطقة منتجات الألبان والبيض واللحوم وغيرها.
وفي السياق، تراجعت تربية الدواجن، خلال الأشهر الأخيرة، على نحو مخيف، حتى إن القائمين على هذا القطاع قدروا أن 15-20% فقط من المداجن على مستوى البلاد تعمل، بينما خرج القسم الأكبر من هذه المداجن خارج الخدمة، ثم أتى الحر الشديد ليلحق أضراراً جسيمة فيما بقي منها، ما أدّى لنفوق قطعان، وتفاقم خسائر المربين.
الذي يعانون من مشكلات جسيمة أرهقت كاهل هذا القطاع الحيوي، ليس أقلها مشكلة الأعلاف، لذا يرى بعض المراقبين لأسواق الدواجن أن الهبوط النسبي لأسعار الفروج بنحو 400 ليرة، ولأسعار صحن البيض من 4500 إلى 3700 ليرة، يرجع لعديد الأسباب أبرزها معاناة المربين والمنتجين من تداعيات هذا الحر.
تعليقات
إرسال تعليق